الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة (نسخة منقحة)
.(في سواقط نخل المساقاة): قَالَ: أَرَى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا. قُلْت: عَلَى قَدْرِ مَا يَتَعَامَلَانِ بِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: أَرَأَيْتَ الزَّرْعَ إذَا دَفَعْته مُعَامَلَةً، لِمَنْ التِّبْنُ؟ قَالَ: أَرَاهُ بَيْنَهُمَا بِمَنْزِلَةِ سَوَاقِطِ النَّخْلِ. وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ في سَوَاقِطِ النَّخْلِ بَيْنَهُمَا فَالتِّبْنُ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ عِنْدِي. قُلْت: أَرَأَيْتَ مَا سَقَطَ مَنْ الثِّمَارِ، مِثْلِ الْبَلَحِ وَمَا أَشْبَهَهُ لِمَنْ يَكُونُ؟ قَالَ: أَرَاهُ بِمَنْزِلَةِ سَوَاقِطِ النَّخْلِ. .الدَّعْوَى في الْمُسَاقَاةِ: قَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ في النَّخْلِ إنْ أَتَى بِمَا يُشْبِهُ. قُلْت: تَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اخْتَلَفَا في الْمُسَاقَاةِ، فَادَّعَى أَحَدُهُمَا مُسَاقَاةً فَاسِدَةً، وَادَّعَى الْآخَرُ مُسَاقَاةً جَائِزَةً؟ قَالَ: الْقَوْلُ عِنْدِي، قَوْلُ الَّذِي ادَّعَى الْحَلَالَ مِنْهُمَا. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ وَكَّلْت رَجُلًا يَدْفَعُ نَخْلِي مُسَاقَاةً، فَقَالَ: قَدْ دَفَعْتهَا إلَى هَذَا الرَّجُلِ وَكَذَّبَهُ رَبُّ النَّخْلِ؟ قَالَ: أَرَى ذَلِكَ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ يَأْمُرُ الرَّجُلَ، يَبِيعُ لَهُ سِلْعَةً مِنْ السِّلَعِ، فيقُولُ الْمَأْمُورُ: قَدْ بِعْتُهَا وَيُكَذِّبُهُ رَبُّ السِّلْعَةِ. قَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَأْمُورِ، فَكَذَلِكَ مَسْأَلَتُكَ في الْمُسَاقَاةِ. قُلْت: فَلِمَ قَالَ مَالِكٌ: إنَّهُ إذَا بَعَثَ مَعَهُ بِمَالٍ لِيَدْفَعَهُ إلَى رَجُلٍ قَدْ سَمَّاهُ لَهُ، فَقَالَ: قَدْ دَفَعْتُهُ، وَأَنْكَرَ الْمَبْعُوثُ إلَيْهِ بِالْمَالِ، وَقَالَ مَا دَفَعَ إلَيَّ شَيْئًا؟ قُلْت: عَلَى الرَّسُولِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ قَدْ دَفَعَ وَلَا غُرْمَ مَا فَرَّقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْمَأْمُورِ بِالْبَيْعِ، جَعَلْتُ الْمَأْمُورَ بِالْبَيْعِ الْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَجَعَلْتُ الْمَأْمُورَ بِدَفْعِ الْمَالِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَبْعُوثِ إلَيْهِ بِالْمَالِ؟ قَالَ: فَرَّقَ بَيْنَ مَا بَيْنَهُمَا: أَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَدْ صَدَّقَ الْبَائِعَ، فَلَا قَوْلَ لِلْآمِرِ هَاهُنَا؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ وَالْمَأْمُورَ قَدْ تَصَادَقَا في الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْمَبْعُوثَ إلَيْهِ بِالْمَالِ لَمْ يُصَدِّقْ الرَّسُولَ، وَقَالَ: مَا أَخَذْتُ مِنْكَ شَيْئًا. فَهَذَا فَرَّقَ مَا بَيْنَهُمَا، وَيُقَالُ لِلرَّسُولِ: أَقِمْ بَيِّنَتَكَ أَنَّكَ دَفَعْتَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَبْعُوثَ إلَيْهِ لَمْ يُصَدِّقْكَ وَإِلَّا فَاغْرَمْ. .في مُسَاقَاةِ الْحَائِطَيْنِ: أَيَجُوزُ ذَلِكَ في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ. قُلْت: لِمَ؟ قَالَ: لِلْخِطَارِ؛ لِأَنَّهُمَا تَخَاطَرَا في الْحَائِطَيْنِ، إنْ ذَهَبَ أَحَدُهُمَا غَبَنَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ في الْآخَرِ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ دَفَعَ إلَيْهِ حَائِطَيْنِ، عَلَى أَنْ يَعْمَلَهُمَا: كُلُّ حَائِطٍ مِنْهُمَا عَلَى النِّصْفِ، أَوْ كُلُّ حَائِطٍ مِنْهُمَا عَلَى الثُّلُثِ، أَوْ كُلُّ حَائِطٍ مِنْهُمَا عَلَى الرُّبْعِ، أَيَجُوزُ هَذَا في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: وَلَا يَكُونُ لِلْخِطَارِ هَاهُنَا مَوْضِعٌ؟ قَالَ: لَيْسَ لَلْخَطْرِ هُنَا مَوْضِعٌ؟ قَالَ: وَكَذَلِكَ سَاقَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ كُلَّهَا، حِيطَانَهَا كُلَّهَا عَلَى النِّصْفِ وَفيهَا الْجَيِّدُ وَالرَّدِيءُ. قَالَ: وَكَذَلِكَ بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: مَا فَرْقُ مَا بَيْنَ الْحَائِطَيْنِ، يُسَاقِيهِمَا الرَّجُلُ الرَّجُلَ عَلَى النِّصْفِ في كُلِّ حَائِطٍ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَهُمَا لَوْ أُفْرِدَ سُوقِيَ عَلَى الثُّلُثِ، وَالْآخَرُ لَوْ أُفْرِدَ سُوقِي عَلَى الثُّلُثَيْنِ، لِجَوْدَةِ هَذَا وَرَدَاءَةِ هَذَا، فيأْخُذُهُمَا جَمِيعًا عَلَى النِّصْفِ فيجُوزُ ذَلِكَ، وَقَدْ حَمَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ. وَبَيْنَ أَنْ يُسَاقِيَ أَحَدَ الْحَائِطَيْنِ عَلَى الثُّلُثِ وَالْآخَرَ عَلَى النِّصْفِ؟ قَالَ: فَقَالَ مَالِكٌ: «قَدْ سَاقَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ عَلَى مُسَاقَاةٍ وَاحِدَةٍ، عَلَى النِّصْفِ وَفيهَا الرَّدِيءُ وَالْجَيِّدُ، وَهِيَ سُنَّةٌ اُتُّبِعَتْ»، وَهَذَا الْآخَرُ لَيْسَ مِثْلَهُ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ دَفَعْت إلَى رَجُلٍ حَائِطًا لِي مُسَاقَاةً عَلَى النِّصْفِ، وَزَرْعًا عَلَى الثُّلُثِ، فَدَفَعْتُ ذَلِكَ صَفْقَةً وَاحِدَةً أَيَجُوزُ ذَلِكَ؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فيهِ شَيْئًا. وَلَا أَرَى هَذَا جَائِزًا. قُلْت: إنْ كَانَ زَرْعٌ لِي قَدْ عَجَزْتُ عَنْهُ وَنَخْلٌ لِي، فَدَفَعْتُهُمَا مُسَاقَاةً: الزَّرْعُ عَلَى النِّصْفِ وَالْحَائِطُ عَلَى النِّصْفِ، وَالزَّرْعُ في نَاحِيَةٍ وَالْحَائِطُ في نَاحِيَةٍ أُخْرَى؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فيهِ شَيْئًا، إلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ في الْحَائِطَيْنِ الْمُخْلِفينِ إذَا أَخَذَهُمَا صَفْقَةً وَاحِدَةً، كُلُّ حَائِطٍ مِنْهُمَا عَلَى النِّصْفِ إنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ، فَكَذَلِكَ الزَّرْعُ، وَالْحَائِطُ عِنْدِي؛ لِأَنَّهُمَا بِمَنْزِلَةِ الْحَائِطَيْنِ الْمُخَلِّفينِ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ دَفَعْت الْحَائِطَ عَلَى النِّصْفِ، عَلَى أَنْ يَعْمَلَ لِي حَائِطِي هَذَا الْآخَرَ بِغَيْرِ شَيْءٍ؟ قَالَ: لَا خَيْرَ في هَذَا، وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فيهِ شَيْئًا، وَلَكِنْ لَا خَيْرَ فيهِ؛ لِأَنَّهُ غَرَرٌ وَمُخَاطَرَةٌ. .مَا جَاءَ في النَّخْلِ يَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فيسَاقِي أَحَدُهُمَا الْآخَرَ: قَالَ: لَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا، وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ مَالِكٍ وَهُوَ رَأْيِي. .مُسَاقَاةُ حَائِطِ الْأَيْتَامِ: قَالَ: نَعَمْ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: بَيْعُهُ لِلصِّبْيَانِ وَشِرَاؤُهُ جَائِزٌ. .مُسَاقَاةُ الْمَأْذُونِ لَهُ في التِّجَارَةِ: قَالَ: لَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا. قُلْت: تَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا. .مُسَاقَاةُ نَخْلِ الْمِدْيَانِ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ في الرَّجُلِ يَكُونُ عَلَيْهِ الدَّيْنُ. إنَّهُ يُكْرِي أَرْضَهُ وَدَارَهُ وَيَجُوزُ كِرَاؤُهُ، فَإِنْ قَامَتْ الْغُرَمَاءُ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ، لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يَفْسَخُوا الْكِرَاءَ. قَالَ: وَهَذَا عِنْدَ مَالِكٍ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنْ قَامَتْ الْغُرَمَاءُ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَكْرَى أَوْ سَاقَى بَعْدَ ذَلِكَ، لَمْ يَجُزْ كِرَاؤُهُ وَلَا مُسَاقَاتُهُ. .مُسَاقَاةُ نَخْلِ الْمَرِيضِ: قَالَ: مَا سَمِعْتُ فيهِ شَيْئًا، وَأُرَاهُ جَائِزًا؛ لِأَنَّ بَيْعَهُ وَشِرَاءَهُ جَائِزٌ مَا لَمْ يَكُنْ فيهِ مُحَابَاةٌ، فَإِنْ كَانَ فيهِ مُحَابَاةٌ، كَانَ مِنْ الثُّلُثِ. .مُسَاقَاةُ الرَّجُلَيْنِ: قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: هَذَا رَأْيِي. قُلْت: وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ أَصْلُ الْحَائِطِ لِجَمَاعَةِ قَوْمٍ، فَدَفَعُوهُ مُسَاقَاةً إلَى جَمَاعَةِ قَوْمٍ، أَيَجُوزُ ذَلِكَ؟ قَالَ: لَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا. .في الْمُسَاقِي يَمُوتُ: قَالَ: يُقَالُ لَهُمْ: اعْمَلُوا كَمَا كَانَ صَاحِبُكُمْ يَعْمَلُ. فَإِنْ أَبَوْا كَانَ ذَلِكَ في مَالِ الْمَيِّتِ لَازِمًا لَهُمْ. قُلْت: أَفيسَلَّمُ الْحَائِطُ إلَيْهِمْ إذَا كَانُوا غَيْرَ أُمَنَاءَ؟ قَالَ: لَا أَرَى ذَلِكَ، وَأَرَى أَنْ يَأْتُوا بِأَمِينٍ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ مَاتَ رَبُّ النَّخْلِ؟ قَالَ: لَا تَنْتَقِضُ الْمُسَاقَاةُ بِمَوْتِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ. .في الْمُسَاقِي يُعْرِي مِنْ حَائِطِهِ: فَقَالَ: كَيْفَ يُعْرِي وَلَيْسَ لَهُ نَخْلَةٌ بِعَيْنِهَا، وَإِنَّمَا هُوَ شَرِيكٌ في الثَّمَرَةِ، وَإِنَّمَا يُعْرِي النَّخْلَةَ وَالنَّخْلَاتِ، فَهَذَا إنْ ذَهَبَ يُعْرِي فَلَيْسَ الَّذِي أَعْرَى لَهُ وَحْدَهُ. قُلْت: أَفيجُوزُ حِصَّتُهُ مِنْ النَّخَلَاتِ الَّتِي أَعْرَاهَا. أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: قَدْ أَعْرَيْتُكَ نَصِيبِي مِنْ هَذِهِ النَّخَلَاتِ؟ قَالَ: نَعَمْ، أَرَى هَذَا جَائِزًا. .مُسَاقَاةُ الْبَعْلِ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِالْمُسَاقَاةِ في الشَّجَرِ الْبَعْلِ. قُلْت: أَرَأَيْتَ مِثْلَ زَرْعِ مِصْرَ وَإِفْرِيقِيَّةَ، أَتَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فيهِ وَهُوَ لَا يُسْقَى؟ قَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فيهِ شَيْئًا، وَأَرَى أَنَّهُ يَجُوزُ فيهِ الْمُسَاقَاةُ، إذَا كَانَ يَحْتَاجُ مِنْ الْمُؤْنَةِ مِثْلَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ في شَجَرِ الْبَعْلِ، فَإِنْ تُرِكَ خِيفَ عَلَيْهِ الضَّيْعَةُ فَلَا بَأْسَ بِهِ. وَإِنْ كَانَ بَعْلًا لَا مُؤْنَةَ فيهِ وَلَا عَمَلَ، فَلَا تَجُوزُ فيهِ الْمُسَاقَاةُ، إنَّمَا هُوَ يَقُولُ لَهُ: احْفَظْهُ لِي وَاحْصُدْهُ وَادْرُسْهُ عَلَى أَنَّ لَكَ نِصْفَهُ، فَهَذَا لَا يَجُوزُ عِنْدِي؛ لِأَنَّهَا أُجْرَةٌ. قُلْت: لِمَ أَجَزْتَهُ في الشَّجَرِ الْبَعْلِ وَكَرِهْتَهُ في الزَّرْعِ الْبَعْلِ؟ قَالَ: لِأَنَّ الزَّرْعَ الْبَعْلَ إنَّمَا أَجَازُوا الْمُسَاقَاةَ فيهِ عَلَى وَجْهِ الضَّرُورَةِ، فَهَذَا لَا ضَرُورَةَ فيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُخَافُ مَوْتُهُ. .مُسَاقَاةُ النَّخْلَةِ وَالنَّخْلَتَيْنِ: قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: وَكَذَلِكَ الشَّجَرُ كُلُّهَا؟ قَالَ: نَعَمْ. .مُسَاقَاةُ الْمُسْلِمِ حَائِطَ النَّصْرَانِيِّ: قَالَ: كَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يَأْخُذَ الْمُسْلِمُ مِنْ النَّصْرَانِيِّ مَالًا قِرَاضًا، فَكَذَلِكَ الْمُسَاقَاةُ عِنْدِي. قَالَ: وَلَوْ أَخَذَهُ لَمْ أَرَهُ حَرَامًا. .مُسَاقَاةُ النَّصْرَانِيِّ حَائِطَ الْمُسْلِمِ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ، يُرِيدُ إذَا كَانَ النَّصْرَانِيُّ مِمَّنْ لَا يَعْصِرُهُ خَمْرًا. .في الْمُسَاقِي يُفْلِسُ: قَالَ: الْمُسَاقَاةُ لَا تَنْتَقِضُ، وَلَكِنْ يُقَالُ لِلْغُرَمَاءِ: بِيعُوا الْحَائِطَ عَلَى أَنَّ هَذَا مُسَاقًى كَمَا هُوَ؛ لِأَنَّ الْحَائِطَ لَا يَقْدِرُ الْغُرَمَاءُ أَنْ يَأْخُذُوهُ مِنْ الْعَامِلِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَخَذَهُ مُسَاقَاةً قَبْلَ أَنْ يَقُومَ الْغُرَمَاءُ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ. قُلْت: وَلِمَ أَجَزْتَهُ، وَرَبُّ الْحَائِطِ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ الْحَائِطَ وَيَسْتَثْنِيَ ثَمَرَتَهُ سِنِينَ لَمْ يَجُزْ لَهُ ذَلِكَ؟ قَالَ: هَذَا وَجْهُ الشَّأْنِ فيهِ؛ لِأَنَّهُ سَاقَاهُ فيهِ، فَإِنْ طَرَأَ دَيْنٌ بَعْدَ ذَلِكَ بَاعُوا النَّخْلَ عَلَى أَنَّ الْمُسَاقَاةَ كَمَا هِيَ، وَلَيْسَ هَذَا عِنْدِي اسْتِثْنَاءَ ثَمَرَةٍ. قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَقَدْ قَالَ غَيْرُهُ: لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ وَيَكُونُ مَوْقُوفًا، إلَّا أَنْ يَرْضَى الْعَامِلُ بِتَرْكِهَا فيجُوزُ بَيْعُهَا، وَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا فيجُوزُ. قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: وَسَوَاءٌ إنْ فَلِسَ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَ الْمُسَاقِي في الْحَائِطِ؟ قَالَ: نَعَمْ، ذَلِكَ سَوَاءٌ وَلَا تَنْتَقِضُ الْمُسَاقَاةُ. قَالَ: وَقَالَ لِي مَالِكٌ: كُلُّ مَنْ اُسْتُؤْجِرَ في زَرْعٍ، أَوْ نَخْلٍ أَوْ أَصْلٍ يَسْقِيهِ، فَسَقَاهُ فَفَلِسَ صَاحِبُهُ، فَهُوَ أَوْلَى بِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ حَتَّى يَسْتَوْفي حَقَّهُ. وَإِنْ مَاتَ صَاحِبُ الْأَصْلِ أَوْ الزَّرْعِ فَالْمُسَاقِي فيهِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ. قَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ اُسْتُؤْجِرَ في إبِلٍ يَرْعَاهَا، أَوْ يُرْحِلُهَا، أَوْ يَعْلِفُهَا، أَوْ دَوَابَّ، فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ في الْمَوْتِ وَالتَّفْلِيسِ جَمِيعًا. وَكُلُّ ذِي صَنْعَةٍ، مِثْلِ الْخِيَاطَةِ وَالصِّيَاغَةِ وَالصِّبَاغَةِ وَمَا أَشْبَهَهُمْ مِنْ الصِّنَاعِ، فَهُوَ أَحَقُّ بِمَا في أَيْدِيهِمْ مِنْ الْغُرَمَاءِ في الْمَوْتِ وَالتَّفْلِيسِ جَمِيعًا. وَكَانَ مَنْ تُكُورِيَ عَلَى حَمْلِ مَتَاعٍ، فَحَمَلَهُ إلَى بَلَدٍ مِنْ الْبُلْدَانِ، فَالْمُتَكَارِي أَحَقُّ بِمَا في يَدَيْهِ مِنْ الْإِبِلِ أَيْضًا في الْمَوْتِ وَالتَّفْلِيسِ مِنْ الْغُرَمَاءِ. قُلْت لِمَالِكٍ: فَالْحَوَانِيتُ يَسْتَأْجِرُهَا النَّاسُ، يَبِيعُونَ فيهَا الْأَمْتِعَاتِ فيفْلِسُ مُكْتَرِيهَا، فيقُولُ أَرْبَابُهَا: نَحْنُ أَوْلَى بِمَا فيهَا حَتَّى نَسْتَوْفي؟ قَالَ: هُمْ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ. وَإِنَّمَا الْحَوَانِيتُ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ الدَّارِ يَكْتَرِيهَا لِيَسْكُنَهَا. فيدْخِلُ فيهَا مَتَاعَهُ وَرَقِيقَهُ وَعِيَالَهُ، أَفيكُونُ صَاحِبُ الدَّارِ أَوْلَى بِمَا فيهَا مِنْ الْغُرَمَاءِ إنْ فَلِسَ؟ قَالَ: لَيْسَ كَذَلِكَ، وَلَكِنَّهُمْ جَمِيعًا أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ. .مُسَاقَاةُ النَّخْلِ فيهَا الْبَيَاضُ: أَيَجُوزُ هَذَا في قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟ قَالَ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ. قُلْت: فَإِنْ قَالَ رَبُّ النَّخْلِ لِلْعَامِلِ: خُذْ النَّخْلَ مُعَامَلَةً، عَلَى أَنْ تَزْرَعَ لِي في الْبَيَاضِ، وَالْبَذْرُ مِنْ عِنْدِي وَالْعَمَلُ مِنْ عِنْدِكَ عَلَى أَنَّ الزَّرْعَ كُلَّهُ لِي؟ قَالَ: لَا يَصْلُحُ هَذَا عِنْدَ مَالِكٍ. قُلْت: وَلِمَ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَفْضَلَ عَلَى الْعَامِلِ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ دَنَانِيرَ رَادَّهَا الْعَامِلُ لِرَبِّ النَّخْلِ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ رَبُّ الْحَائِطِ: خُذْ النَّخْلَ مُسَاقَاةً، عَلَى أَنْ تَزْرَعَ الْبَيَاضَ بَيْنَنَا، عَلَى أَنَّ الْبَذْرَ مَنْ عِنْدِكَ أَيُّهَا الْعَامِلُ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: ذَلِكَ جَائِزٌ. قَالَ مَالِكٌ: وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُلْغِيَ الْبَيَاضَ فيكُونَ لِلْعَامِلِ. قُلْت: لِمَ أَجَازَهُ مَالِكٌ؟ قَالَ: لِلسُّنَّةِ الَّتِي جَاءَتْ في خَيْبَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَلَ الْبَيَاضَ وَالسَّوَادَ عَلَى النِّصْفِ. قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: في خَيْبَرَ وَقُلْت لَهُ: أَكَانَ فيهَا بَيَاضٌ حِينَ سَاقَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَكَانَ يَسِيرًا فَلِذَلِكَ أَجَازَهُ مَالِكٌ إذَا اشْتَرَطَ عَلَى الْعَامِلِ أَنْ يَزْرَعَ الْبَيَاضَ، وَالْبَذْرُ مِنْ عِنْدِ الْعَامِلِ وَالْعَمَلُ، عَلَى أَنْ يَكُونَ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْبَيَاضِ بَيْنَهُمَا. قَالَ مَالِكٌ: وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُلْغِيَ لِلْعَامِلِ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَطَا أَنَّ الْبَذْرَ الَّذِي يَبْذُرُهُ الْعَامِلُ في الْبَيَاضِ مِنْ عِنْدِهِمَا، نِصْفُهُ مِنْ عِنْدِ رَبِّ النَّخْلِ وَنِصْفُهُ مَنْ عِنْدِ الْعَامِلِ، وَالْعَمَلُ كُلُّهُ مِنْ الْعَامِلِ أَيَجُوزُ أَمْ لَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ. قُلْت: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ مِنْ الْبَذْرِ مِنْ عِنْدِ رَبِّ النَّخْلِ في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، لَا يَجُوزُ. قُلْت: لِمَ كَرِهَهُ مَالِكٌ؟ قَالَ: لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ ازْدَادَهَا الْعَامِلُ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَطَ الْعَامِلُ في النَّخْلِ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ حَرْثَ الْبَيَاضِ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الْبَذْرِ وَالْعَمَلِ فَمِنْ عِنْدِ الْعَامِلِ في النَّخْلِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا كَانَ الْعَمَلُ وَالْمُؤْنَةُ كُلُّهَا مِنْ عِنْدِ الدَّاخِلِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ. قَالَ: فَفي هَذَا مَا يَدُلُّكَ عَلَى مَسْأَلَتِكَ، أَنَّهُ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَشْتَرِطَ الْعَامِلُ عَلَى رَبِّ النَّخْلِ حَرْثَ الْبَيَاضِ، وَإِنْ جَعَلَا الزَّرْعَ بَيْنَهُمَا. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ أَخَذَ النَّخْلَ مُعَامَلَةً، عَلَى أَنَّ الْبَيَاضَ لِلْعَامِلِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: هَذَا أُحِلُّهُ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ سَاقَى الرَّجُلُ الزَّرْعَ، وَفي وَسَطِ الزَّرْعِ أَرْضٌ بَيْضَاءُ لِرَبِّ الْأَرْضِ قَلِيلَةٌ، وَهِيَ تَبَعٌ لِلزَّرْعِ، فَاشْتَرَطَ الْعَامِلُ تِلْكَ الْأَرْضَ لِنَفْسِهِ يَزْرَعُهَا؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فيهِ شَيْئًا، وَلَا أَرَى بَأْسًا، مِثْلَ النَّخْلِ وَالْبَيَاضِ، إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ الَّتِي لَيْسَ فيهَا الزَّرْعُ تَبَعًا لِلزَّرْعِ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ دَفَعْت إلَى رَجُلٍ نَخْلًا مُسَاقَاةً خَمْسَ سِنِينَ، وَفي النَّخْلِ بَيَاضٌ وَهُوَ تَبَعٌ لِلنَّخْلِ، عَلَى أَنْ يَكُونَ الْبَيَاضُ أَوَّلَ سَنَةٍ لِلْعَامِلِ يَزْرَعُهُ لِنَفْسِهِ، ثُمَّ يَرْجِعُ الْبَيَاضُ إلَى رَبِّ النَّخْلِ يَعْمَلُهُ رَبُّ النَّخْلِ لِنَفْسِهِ، وَتَكُونُ الْمُسَاقَاةُ في الْأَرْضِ الْأَرْبَعَ سِنِينَ الْبَاقِيَةَ في النَّخْلِ وَحْدَهَا؟ قَالَ: لَا يَجُوزُ هَذَا عِنْدِي؛ لِأَنَّهُ خَطَرٌ. قُلْت: وَكَذَلِكَ، لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَخَذَ حَائِطَيْنِ مُعَامَلَةً مِنْ رَجُلٍ، عَلَى النِّصْفِ سَنَتَيْنِ، عَلَى أَنْ يَعْمَلَ أَوَّلَ سَنَةٍ في الْحَائِطَيْنِ جَمِيعًا، ثُمَّ يَرُدَّ أَحَدَ الْحَائِطَيْنِ إلَى رَبِّهِ في السَّنَةِ الثَّانِيَةِ، وَيَعْمَلَ الْحَائِطَ الْآخَرَ في السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَحْدَهُ؟ قَالَ: لَا يَجُوزُ هَذَا الْآخَرُ أَيْضًا. وَهَذَا شَبَهُ مَسْأَلَتِك الْأُولَى في النَّخْلِ وَالْبَيَاضِ؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَتَيْنِ جَمِيعًا خَطَرٌ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ. قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ. هَذَا رَأْيِي. .مُسَاقَاةُ الزَّرْعِ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الْمُسَاقَاةُ في الزَّرْعِ لَا تَجُوزُ، إلَّا أَنْ يَعْجِزَ عَنْهُ صَاحِبُهُ يَعْجِزَ عَنْ سَقْيِهِ، فَهَذَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُسَاقِيَ. قُلْت: أَرَأَيْتَ الزَّرْعَ، إذَا بَذَرَهُ صَاحِبُهُ، وَلَمْ يَطْلُعْ مِنْ الْأَرْضِ. أَتَصْلُحُ الْمُسَاقَاةُ فيهِ إذَا عَجَزَ صَاحِبُهُ عَنْهُ أَمْ لَا في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا تَصْلُحُ الْمُسَاقَاةُ فيهِ، إلَّا بَعْدَ مَا يَبْدُو وَيَسْتَقِلُّ، وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إذَا سَنْبَلَ الزَّرْعُ، أَتَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فيهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، مَا لَا يَحِلُّ بَيْعُهُ فَالْمُسَاقَاةُ فيهِ جَائِزَةٌ، إذَا كَانَ يَحْتَاجُ إلَى الْمَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تُرِكَ لَمَاتَ. قُلْت: أَرَأَيْتَ صَاحِبَ الزَّرْعِ إذَا كَانَ لَهُ الْمَاءُ، أَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُسَاقِيَ في زَرْعِهِ، وَتَرَاهُ عَاجِزًا وَلَهُ مَاءٌ؟ قَالَ: نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ الْبَقَرِ، وَمَنْ يَسْقِيهِ، وَالْأُجَرَاءِ. قُلْت: وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ سَيْحًا مِثْلَ الْعُيُونِ، أَتَجْعَلُهُ عَاجِزًا إنْ عَجَزَ عَنْ الْأُجَرَاءِ وَتُجِيزُ مُسَاقَاتِهِ في ذَلِكَ؟ قَالَ: يُنْظَرُ في ذَلِكَ، فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ عَاجِزٌ جَازَتْ مُسَاقَاتُهُ. قُلْت: أَتَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟ قَالَ: إنَّمَا قَالَ مَالِكٌ: إذَا عَجَزَ فَانْظُرْ أَنْتَ، فَإِذَا كَانَ عِنْدَكَ عَاجِزًا جَازَتْ مُسَاقَاتُهُ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ دَفَعْت إلَى رَجُلٍ زَرْعًا مُسَاقَاةً، وَشَجَرًا مُفْتَرِقًا في الزَّرْعِ، أَيَجُوزُ هَذَا؟ قَالَ: لَا أَرَى بِهَذَا بَأْسًا، إذَا كَانَ تَبَعًا لِلزَّرْعِ وَلَمْ يَكُنْ فيهَا مِنْ الِاشْتِرَاطِ خِلَافُ الزَّرْعِ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ أَخَذْت زَرْعًا مُسَاقَاةً، وَفي الزَّرْعِ شَجَرَاتٌ قَلَائِلُ، فَاشْتَرَطَ الْعَامِلُ في الزَّرْعِ، أَنَّ: مَا أَخْرَجَ اللَّهُ مَنْ الثَّمَرَةِ فَهِيَ لِلْعَامِلِ دُونَ رَبِّ الشَّجَرِ، أَيَجُوزُ هَذَا؟ قَالَ: لَا. قُلْت: فَإِنْ اشْتَرَطَ عَلَى: أَنَّ مَا أَخْرَجَ اللَّهُ مِنْ الشَّجَرِ فَهُوَ لِرَبِّ الشَّجَرِ؟ قَالَ: هَذِهِ مُسَاقَاةٌ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ازْدَادَ عَلَى الْعَامِلِ سَقْيُ الشَّجَرِ. قُلْت: هَذِهِ الْمَسَائِلُ قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: أَرَأَيْتَ الشَّجَرَ الَّتِي في الزَّرْعِ، إذَا أُخِذَ الزَّرْعُ مُسَاقَاةً، وَالشَّجَرُ الثُّلُثُ فَأَدْنَى مُخَالِفٌ لِلْبَيَاضِ الَّذِي هُوَ تَبَعٌ لِلنَّخْلِ في الْمُسَاقَاةِ؟ قَالَ: نَعَمْ. .مُسَاقَاةُ كُلِّ ذِي أَصْلٍ وَالْيَاسَمِينَ وَالْوَرْدِ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الْمُسَاقَاةُ جَائِزَةٌ في كُلِّ ذِي أَصْلٍ مِنْ الشَّجَرِ. قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: وَتَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ في الْوَرْدِ وَالْيَاسَمِينَ. قَالَ: وَقَالَ لِي مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِمُسَاقَاةِ الْيَاسَمِينَ وَالْوَرْدِ وَالْقُطْنِ. .مُسَاقَاةُ الْمَقَاثِي: فَقَالَ: تَجُوزُ فيهَا الْمُسَاقَاةُ إذَا عَجَزَ عَنْهَا صَاحِبُهَا بِمَنْزِلَةِ الزَّرْعِ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَنَا أَرَى الْبَصَلَ مِثْلَ الْمَقَاثِي، وَقَصَبَ السُّكْرِ بِمَنْزِلَةِ الزَّرْعِ؛ لِأَنَّهَا ثَمَرَةٌ وَاحِدَةٌ. قُلْت: أَرَأَيْتَ الْمَقَاثِيَ، أَلَيْسَ قَدْ قَالَ مَالِكٌ: تَصْلُحُ الْمُسَاقَاةُ فيهَا إذَا عَجَزَ عَنْهَا صَاحِبُهَا، وَهِيَ إنَّمَا يُطْعَمُ بَعْضُهَا بَعْدَ بَعْضٍ وَقَدْ يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَشْتَرِيَهَا إذَا حَلَّ بَيْعُهَا. وَيَشْتَرِطُ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا حَتَّى يَنْقَطِعَ فَكَيْفَ أَجَازَ الْمُسَاقَاةَ فيهَا وَبَيْعُهَا حَلَالٌ؟ قَالَ: لَا تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ في الْمَقَاثِي إذَا حَلَّ بَيْعُهَا، وَتَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فيهَا قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ بَيْعُهَا. قَالَ: وَالْمَقَاثِي، قَالَ لِي مَالِكٌ: إنَّمَا هِيَ شَجَرَةٌ وَإِنَّمَا هِيَ نَبَاتٌ وَاحِدٌ بِمَنْزِلَةِ التِّينِ، وَمَا أَشْبَهَهُ مِنْ الثِّمَارِ، الَّتِي يَكُونُ طِيبُ بَعْضِ مَا فيهَا قَبْلَ بَعْضٍ، فَكَذَلِكَ الْمَقَاثِي؛ لِأَنَّ الْمَقْثَاةَ بِمَنْزِلَةِ الشَّجَرَةِ وَثَمَرَهَا بِمَنْزِلَةِ ثَمَرِ الشَّجَرِ. قُلْت: أَرَأَيْتَ الْمَقَاثِيَ إذَا حَلَّ بَيْعُهَا، فَعَجَزَ صَاحِبُهَا عَنْ عَمَلِهَا أَتَجُوزُ فيهَا الْمُسَاقَاةُ؟ قَالَ: لَا تَجُوزُ فيهَا الْمُسَاقَاةُ عِنْدَ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ بَيْعَهَا حَلَالٌ. .مُسَاقَاةُ الْقَصَبِ وَالْقَرَظِ وَالْبُقُولِ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ في الزَّرْعِ، إلَّا أَنْ يَعْجِزَ عَنْهُ صَاحِبُهُ وَيَعْجِزَ عَنْ سَقْيِهِ، فَهَذَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُسَاقِيَهُ. قَالَ: وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الْقَصَبِ الْحُلْوِ، أَتَجُوزُ فيهِ الْمُسَاقَاةُ؟ قَالَ: هُوَ عِنْدِي مِثْلُ الزَّرْعِ، إذَا عَجَزَ عَنْهُ صَاحِبُهُ جَازَتْ الْمُسَاقَاةُ فيهِ. قَالَ: وَأَمَّا الْقَصَبُ، فَلَيْسَ ثَمَرُهُ بِمَنْزِلَةِ ثَمَرَةِ الْمَقَاثِي، إنَّمَا هُوَ بُطُونٌ تَأْتِي، وَإِنَّمَا تَقَعُ الْمُسَاقَاةُ في الْقَصَبِ فيهِ نَفْسِهِ، وَقَدْ حُلَّ بَيْعُهُ فَلَا يَجُوزُ. أَلَا تَرَى أَنَّ الثَّمَرَةَ إذَا حُلَّ بَيْعُهَا لَمْ تَجُزْ الْمُسَاقَاةُ فيهَا؟ وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَمَّا الْقَرَظُ وَالْبَقْلُ فَإِنَّهُ لَا يَصْلُحُ فيهِ الْمُسَاقَاةُ؛ لِأَنَّهُ مِثْلُ الْقَصَبِ. وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: لَا تَصْلُحُ الْمُسَاقَاةُ في الْقَصَبِ؛ لِأَنَّهُ جَزَّةٌ بَعْدَ جَزَّةٍ وَلَيْسَتْ بِثَمَرَةٍ تُجْنَى مَرَّةً وَاحِدَةً. وَاَلَّذِي يُرِيدُ أَنْ يُسَاقِيَهَا، فَلْيَشْتَرِهَا وَلْيَشْتَرِطْ لِنَفْسِهِ خِلْفَتَهَا. قُلْت: أَرَأَيْتَ الشَّجَرَةَ، إذَا كَانَتْ تُثْمِرُ في الْعَامِ الْوَاحِدِ مَرَّتَيْنِ، أَتَصْلُحُ الْمُسَاقَاةُ فيهَا في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُسَاقِيَهَا سِنِينَ. قُلْت: فَمَا فَرَّقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْقَصَبِ الَّذِي ذَكَرْتَ أَنَّ مَالِكًا كَرِهَهُ؟ قَالَ: لِأَنَّ الشَّجَرَةَ لَا يَحِلُّ بَيْعُ ثَمَرَتِهَا قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهَا وَتَطِيبَ، وَالْقَصَبُ يَحِلُّ بَيْعُهُ وَبَيْعُ مَا يَأْتِي بَعْدَهُ، فَلَا تَصْلُحُ فيهِ الْمُسَاقَاةُ. قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا تَصْلُحُ الْمُسَاقَاةُ في الْبُقُولِ، وَلَا في الْمَوْزِ وَلَا في الْقَصَبِ. قَالَ مَالِكٌ: لَا تَصْلُحُ الْمُسَاقَاةُ فيهَا؛ لِأَنَّهَا تُبَاعُ بُطُونًا. قُلْت لِمَالِكٍ فَالزَّرْعُ؟ قَالَ: إذَا عَجَزَ عَنْهُ صَاحِبُهُ، جَازَتْ الْمُسَاقَاةُ فيهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْجِزْ عَنْهُ فَلَا تَجُوزُ. قَالَ: فَقُلْت لِمَالِكٍ: فَالْمَقَاثِي؟ قَالَ: هِيَ مِثْلُ الزَّرْعِ إذَا عَجَزَ عَنْهُ صَاحِبُهُ. قَالَ: فَقُلْت لِمَالِكٍ: فَقَصَبُ السُّكْرِ؟ وَوَصَفْتُهُ لَهُ، وَإِنَّمَا يُسْقَى سَنَةً، فَرُبَّمَا عَجَزَ عَنْهُ صَاحِبُهُ قَالَ: أَرَاهُ مِثْلَ الزَّرْعِ إذَا عَجَزَ عَنْهُ صَاحِبُهُ. .مُسَاقَاةُ الْمَوْزِ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا تَصْلُحُ الْمُسَاقَاةُ فيهِ. وَهُوَ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ الْقَصَبِ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ عَجَزَ عَنْ عَمَلِهِ وَهُوَ شَجَرٌ لَيْسَ فيهِ ثَمَرٌ أَتَصْلُحُ فيهِ الْمُسَاقَاةُ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فيهِ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ قَالَ لَنَا: الْمُسَاقَاةُ في الْمَوْزِ لَا تَجُوزُ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَالْمَوْزُ عِنْدِي، أَنَّهُ يُجَزُّ إذَا أَثْمَرَ ثُمَّ يُخَلِّفُ ثُمَّ يَجُزُّ إذَا أَثْمَرَ ثُمَّ يُخَلِّفُ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْقَصَبِ عِنْدِي. وَلَا أَرَى الْمُسَاقَاةَ فيهِ تَحِلُّ، عَجَزَ عَنْهُ صَاحِبُهُ أَوْ لَمْ يَعْجِزْ. قَالَ مَالِكٌ: وَإِنَّمَا الْمَوْزُ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ الْبَقْلِ. قُلْت: أَرَأَيْتَ الْمَوْزَ إذَا حَلَّ بَيْعُهُ، أَيَجُوزُ لِي أَنْ أَشْتَرِيَهُ وَأَسْتَثْنِيَ بُطُونًا في الْمُسْتَقْبِلِ خَمْسَةً أَوْ عَشْرَةً؟ قَالَ: ذَلِكَ جَائِزٌ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْتُهُ حِينَ حَلَّ بَيْعُهُ، فَقُلْت: لِلْبَائِعِ: لِي مَا يُطْعِمُ هَذِهِ السَّنَةَ؟ قَالَ: هَذَا جَائِزٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ مَا يُطْعِمُ سَنَةً هُوَ مَعْرُوفٌ. قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَ الْمَوْزَ السَّنَةَ وَالسَّنَةَ وَالنِّصْفَ إذَا حَلَّ بَيْعُهُ. قُلْت: أَرَأَيْتَ الْقَصَبَ، أَهُوَ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَصْلُ قَوْلِهِمْ في الْمُسَاقَاةِ: أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ يُجَزُّ ثُمَّ يُخَلِّفُ ثُمَّ يُجَزُّ ثُمَّ يُخَلِّفُ، أَنَّ الْمُسَاقَاةَ لَا تَجُوزُ فيهِ. قَالَ: وَكُلُّ شَيْءٍ قَائِمٌ، إنَّمَا تُجْنَى ثَمَرَتُهُ، وَالْأَصْلُ ثَابِتٌ أَوْ غَيْرُ ثَابِتٍ، إذَا كَانَ إنَّمَا نَجْنِي ثَمَرَتَهُ إذَا كَانَتْ ثَمَرَتُهُ نَبَاتًا مِنْهَا، فَالْمُسَاقَاةُ فيهِ جَائِزَةٌ. قُلْت: أَرَأَيْتَ الْقَصَبَ وَالْمَوْزَ، إذَا عَجَزَ عَنْهُمَا صَاحِبُهُمَا، أَتَجُوزُ فيهِمَا الْمُسَاقَاةُ؟ قَالَ: لَا أَرَى أَنْ تَجُوزَ فيهِمَا الْمُسَاقَاةُ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْهُمَا صَاحِبُهُمَا. قُلْت: لِمَ كَرِهَ مَالِكٌ الْمُسَاقَاةَ فيهِمَا، وَهُمَا مِنْ الْأُصُولِ؟ قَالَ: لَيْسَ هُمَا بِمَنْزِلَةِ الْأُصُولِ، إنَّمَا هُمَا بِمَنْزِلَةِ الْبُقُولِ. إنَّمَا تُطْعَمُ الْبُقُولُ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ. قُلْت: وَالْبُقُولُ، أَتَجُوزُ فيهَا الْمُسَاقَاةُ في قَوْلِ مَالِكٍ إذَا عَجَزَ عَنْ سَقْيِهَا؟ قَالَ: لَا تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فيهَا أَيْضًا. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ .كِتَابُ الْجَوَائِحِ:
|